المعركة الثالثة للدفاع عن الأقصى 26/9/2009

المعركة الثالثة للدفاع عن الأقصى 26/9/2009

أراء وتوقعات لبداية انتفاضة ثالثة بسبب التوسع الاستيطاني وعدم الالتزام باتفاقية السلام مع الفلسطينيين

توثيق ونشر بقلم / الكاتب الصحفي والباحث – جمال إبراهيم حماد

شمال غزة – فلسطين – 28/9/2009
القدس : 20 جريحا في معركة الدفاع عن المسجد الأقصى جموع المواطنين صدت محاولات جماعات يهودية متطرفة لاقتحامه



كتب عبد الرؤوف أرناؤوط:
في مشهد بدا مشابهاً للغاية، وإن كان أقل دموية، لما وقع في المسجد الأقصى قبل 9 سنوات وأدى الى اندلاع انتفاضة الأقصى، هاجم العشرات من أفراد الشرطة والجيش الإسرائيلي عشرات من المواطنين الذين تمكنوا من الوصول الى المسجد الاقصى لصد محاولة اعلنت عنها جماعات يهودية متطرفة لاقتحامه لمناسبة عيد الغفران اليهودي، فجرح اكثر من 20 مواطناً، ، تم نقل معظمهم إلى مستشفى المقاصد الإسلامية في حي الطور لتلقي العلاج، كما استدعت حالات بعض المُصابين نقلهم إلى مستشفى العيون لصعوبة حالاتهم، فيما وقع اكثر من 11 مواطناً أسرى في أيدي قوات الاحتلال.
وتحول المسجد الاقصى بساحاته ومحيطه الى ساحة مواجهات شديدة بين شبان وكهول وأطفال وبين قوات الاحتلال الاسرائيلي التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والهراوات، حيث لم تمكن هذه المواجهات نحو 150 متطرفاً يهودياً من تنفيذ مخططهم باقتحام المسجد لمناسبة "عيد الغفران" اليهودي.
و"عيد الغفران" هو العيد الذي يصوم فيه اليهود لمدة 25 ساعة، ويبتهلون الى الله أن يغفر لهم ذنوبهم، إلا أن الحالة لم تكن كذلك في ساحات المسجد الاقصى والمناطق المحيطة، اذ افادت مصادر طبية بأن الجنود الاسرائيليين استخدموا ايضا الرصاص المطاطي ضد المواطنين ما ادى الى اصابة عدد منهم.
وانتشرت في الساحات القريبة من المسجد المسقوف اعداد من قنابل الغاز السام المسيل للدموع اطلقها الجنود الاسرائيليون، والى جانبها عشرات من الاحذية والكراسي الحديدية والحجارة التي استخدمها المواطنون لصد محاولة اقتحام المسجد.
وفور بدء الاشتباكات في المسجد، اقدمت الشرطة الاسرائيلية على اغلاق بواباته ومنع المصلين من الدخول اليه، الا أن المواجهات انتشرت سريعا في مناطق عدة في المدينة، وتحديدا في باب الاسباط وباب حطة وباب المجلس وباب العامود، ما ادى الى اصابة عدد من المواطنين بجروح، فيما افادت الشرطة الاسرائيلية باصابة 71 من عناصرها في هذه المواجهات التي لم تشهد المدينة مثيلاً لها في شدتها منذ سنوات.
وكان مواطنون لبوا نداء القوى الوطنية والاسلامية فشدوا الرحال الى المسجد الاقصى منذ ساعات صباح امس، بعد اعلان جماعات يهودية نيتها اقتحام المسجد واداء الطقوس الدينية اليهودية فيه لمناسبة "عيد الغفران" اليهودي.
وتحولت المدينة الى ما يشبه الثكنة العسكرية، حيث انتشر الجنود وافراد الشرطة بكثافة في ساحات المسجد وعلى بواباته وعلى بوابات القدس القديمة، فيما تم استخدام مروحية اسرائيلية لمتابعة سير الامور في المسجد ومحيطه.
وشوهد الجنود وافراد الشرطة وهم يعتدون بقسوة باستخدام الهراوات وايضا من خلال الركل بالأقدام، على أعداد من المواطنين الذين تواجدوا في ساحات المسجد.

وكان المئات من أهل القدس وأهل الداخل الفلسطيني قد تجمعوا منذ صلاة الفجر وساعات الصباح الباكرة عند باب المغاربة من داخل المسجد، في وقت كانت فيه الشرطة الإسرائيلية الاحتلالية قد أغلقت أغلب أبواب المسجد الأقصى المبارك.
وقالت جمعية الاقصى إنه " في تمام الساعة 03:7 صباحا، حاولت مجموعة من اليهود اقتحام المسجد بلباس سياح، وبحماية الشرطة الإسرائيلية إلا أن أمرهم كشف، وبدأ المرابطون بالتكبير، على الفور قامت قوات الاحتلال باخراج الجماعات اليهودية المحدودة خارج المسجد، وقامت قوات الاحتلال على الفور باقتحامه والاعتداء عليه، إلا أن المرابطين صمدوا في رباطهم، ما جعل قوات الاحتلال تقوم بتعزيز قواتها داخل المسجد، وفي الوقت نفسه منعت دخول أي مصل إليه من أهل الداخل الذين جاؤوا عبر مسيرة البيارق وأهل القدس الذين تدافعوا نحو الأقصى عند سماعهم بالاقتحام".
وسادت اجواء متوترة للغاية انحاء المسجد، حيث تجمعت قوات كبيرة عند باب المغاربة وفي نفس الوقت تجمع المئات من المواطنين داخل المسجد الأقصى وخارجه.
وقد منعت قوات الاحتلال عددا من الشخصيات الفلسطينية من الدخول الى المسجد، فيما ابلغت المخابرات الاسرائيلية حاتم عبد القادر، مسؤول ملف القدس في حركة(فتح)، بقرارها منعه من الدخول الى الاقصى وبلدة القدس القديمة بداعي توجيهه الدعوة للمواطنين للرباط في المسجد لصد محاولة المتطرفين اليهود اقتحامه.
ودانت القوى والفصائل الفلسطينية الوطنية والاسلامية الاعتداء الاسرائيلي على المسجد، محذرة من أن السلطات الاسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن تبعاته، وداعية الدول العربية والاسلامية الى التحرك لنجدة المسجد الاقصى .

الهباش: دعوة لجنة القدس لاجتماع عاجل وطارئ

فقد استنكر د. محمود الهباش، وزير الأوقاف والشؤون الدينية، اعتداء واقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى. وقال "إن السلطة الفلسطينية والحكومة تنظران لهذه الجريمة بمنتهى الخطورة والغضب، حيث إنها تشكل حلقة ضمن سلسلة مستمرة من الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني"، معتبراً أن "إسرائيل بجريمتها اليوم(أمس) تحاول أن تهرب من الاستحقاقات المفروضة عليها وخصوصاً بعد تقرير غولدستون ".
وشدد على أن "السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير تصران على ملاحقة المجرمين الذين ارتكبوا جرائم الحرب في قطاع غزة، وأيضاً على ما يجري في المسجد الأقصى"، وقال "إننا نرى أن هذه الجريمة جزء من حرب إسرائيلية تستهدف تهويد المدينة المقدسة والمقدسات الإسلامية، وهذا مرتبط مع ما يجري في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، فالقدس هي العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، والخليل تمثل ثاني أهم مدينة دينية للفلسطينيين".
وطالب الهباش المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتدخل السريع والفاعل من أجل لجم إسرائيل، ووضع حد لهذه الانتهاكات، داعيا الأمة العربية والإسلامية إلى تحمل مسؤولياتهما نحو المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية وأن يتحركوا من أجل الحفاظ عليها وحماية وتعزيز صمود المواطنين فيها.
وتوجه الهباش للعاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، بالدعوة لعقد اجتماع عاجل وطارئ للجنة من أجل اتخاذ خطوات ضرورية وطارئة وفعالة لحماية المقدسات الإسلامية من الهجمة الإسرائيلية عليها.

حماس: ندعو الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى اجتماع عاجل

ودانت حركة(حماس) هذه الجريمة النكراء، وقالت "نحمّل الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عنها وعن تداعياتها، ونحذر الاحتلال من غضب شعبنا وأمتنا على مسلسل الاقتحامات والعدوان على المسجد الأقصى المبارك" متوجهة بالتحية الى "أهلنا في القدس وفي الأراضي المحتلة عام 1948 الذين يتصدون لقطعان المستوطنين المدججين بالسلاح ولقوات الاحتلال داخل ساحات المسجد المبارك وفي محيطه بصدورهم العارية، وندعوهم إلى مواصلة الرباط في المسجد الأقصى وحمايته".
وقالت "ندعو أبناء شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية والإسلامية وكل أحرار العالم إلى التصدي للعدوان الصهيوني ونصرة المسجد الأقصى وتنظيم مسيرات الغضب والاحتجاج على عمليات اقتحامه وتدنيسه ومحاولات تقسيمه".
واضافت "ندعو جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى اجتماع عاجل، وتحمّل مسؤولياتهما، والقيام بواجبهما في اتخاذ مواقف وخطوات عملية، والضغط على الأطراف المعنية لوقف الاعتداءات التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك".


الشعبية: إدانة الاقتحام

وأدانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "اقتحام ساحات المسجد الأقصى من قبل سوائب الاحتلال وزعران المستوطنين، وما قامت به أجهزة قمع الاحتلال من اعتداء على أبناء شعبنا واعتقالات لهم"، معتبرة أن "إيغال حكومة نتنياهو في انتهاك حقوق الانسان الفلسطيني وحصاره وسلب أرضه ونهب مياهه وحرق مزروعاته، وضربها عرض الحائط بالقانون الدولي والانساني ما كانت لتتم لولا حالة الصمت والخنوع والتواطؤ العربي، ولهاث المفاوض الفلسطيني وراء ما يسمى بعملية السلام ودوامة مفاوضاتها العبثية، التي يجري استخدامها غطاءً لجرائم الاحتلال المتواصلة على قدم وساق".
وطالبت الجبهة "الرئاسة الفلسطينية بالكف الفوري عن أية لقاءات أو مفاوضات مع حكومة نتنياهو، وبوقف أية خطوات عربية تطبيعية معها، ومقاطعتها وملاحقتها وقادة جيشها أمام القضاء الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية، وخصوصاً في ضوء قرار محكمة لاهاي حول الجدار، وتقرير لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق الذي اعتبر الحرب على غزة بمثابة جريمة حرب ترتقي إلى جرائم ضد الانسانية".
وجددت الجبهة دعوتها للرئاسة والقيادة الفلسطينية بالتمسك بعقد المؤتمر الدولي كامل الصلاحيات تحت اشراف الأمم المتحدة لتنفيذ قرارت الشرعية الدولية ذات الصلة، وبالوقف التام لكافة أشكال اللقاءات والمفاوضات الثنائية والانفرادية بعد أن تبددت أوهام الضغط الأميركي ومبعوث أميركا ميتشل على حكومة الاحتلال لوقف الاستيطان ووضع حد لتنكيله بالشعب والأرض والمقدسات".
وأشادت الجبهة بصمود أبناء شعبنا في مدينة القدس، وتصديهم البطولي لقطعان المستوطنين وأجهزة قمع الاحتلال الذين قاموا باقتحام وتدنيس ساحات المسجد الأقصى.

الجبهة الديمقراطية: أعمال إجرامية

وأدان طلال أبو ظريفة، عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، محاولة اقتحام المسجد الأقصى، من قبل مجموعات يهودية متطرفة، واعتبر ان مثل هذه الخطوة، تأتي في سياق ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه ضد شعبنا الفلسطيني، مشددا على ان مثل تلك الأعمال الإجرامية التي تنتهجها حكومة نتنياهو التوسعية، بدءاً من الاستيطان وهدم منازل المقدسيين، تسعى الى تهجير المقدسيين وعزل مدينة القدس عن كافة أجزاء الضفة الغربية، بما يمنع إقامة الدولة الفلسطينية.



رابطة علماء فلسطين: الشعب الفلسطيني قادر على الانتفاض من جديد

وبدورها، اكدت رابطة علماء فلسطين أنها تنظر بخطورة بالغة لما يجري في ساحات المسجد الأقصى المبارك من محاولات محمومة من قبل غلاة المتطرفين اليهود لاقتحام المسجد الأقصى بدعم ومساندة علنية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وترى في ذلك مقدمة لخطوات أكثر خطورة على صعيد تهويد المسجد الأقصى المبارك تمهيداً لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.
وقالت "إن رابطة علماء فلسطين، تؤكد للقاصي والداني أن انتفاضة الأقصى التي اندلعت في مثل هذا الشهر عام 2000، إنما كانت بسبب اقتحام المجرم ارئيل شارون لباحات الأقصى، وإن الشعب الفلسطيني لقادر وعلى أهبة الاستعداد للانتفاض من جديد حماية لمقدساته، وذوداً عن حقوقه وثوابته، ورفضاً لكل إملاءات الذل والخضوع والخنوع التي يسوقها الغرب تحت مسميات براقة كعملية السلام وغيرها من المصطلحات التي ظاهرها إعادة الحقوق للشعب الفلسطيني، وباطنها الكيد والمكر والتمكين لبني صهيون في أراضينا المحتلة".

الجبهة العربية الفلسطينية: الاحتلال لم يستفد من الدروس

وحمّلت الجبهة العربية الفلسطينية "حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الأحداث وما قد ينتج عنها، موضحة أن الاحتلال لم يستفد من الدروس التي تلقاها على مدى تاريخ المواجهة، ولم يدرك بعد مكانة المسجد الأقصى في نفوس أبناء شعبنا واستعدادهم لبذل الغالي والنفيس دفاعا عن قدسيته وعروبته.

بحر: نحمّل حكومة الاحتلال نتائج أفعالها وجرائمها

وبدوره، قال أحمد بحر، النائب الاول لرئيس المجلس التشريعي: "ندين ونستنكر الاعتداءات الصهيونية على مدينة القدس والمسجد الاقصى والاماكن المقدسة في المدينة، ونحمّل حكومة الاحتلال نتائج افعالها وجرائمها وتدنيسها للمسجد الأقصى، ونحيى ابناء شعبنا الفلسطيني في مدينة القدس ودفاعهم الشجاع والبطولي عن المسجد الاقصى، وندعو من استطاع من ابناء شعبنا في الضفة الغربية والاراضي الفلسطينية للمرابطة في المسجد الاقصى وتحصينه والدفاع عنه من هجمات قطعان المستوطنين".
وأضاف بحر "ندعو ابناء شعبنا الفلسطيني في كل مكان للنفير العام في الضفة الغربية وقطاع غزة والاراضي الفلسطينية المحتلة ومخيمات الشتات، في مسيرات جماهيرية حاشدة تنديداً بالاعتداءات الصهيونية ضد القدس". وتابع "نؤكد أن تحرير الأقصى لا يتم إلا بالمقاومة، وأن طريق المفاوضات العبثية لا توقف الاعتداءات ولا تحرر المسجد الأقصى".